شهادات ربانية بوحدة آل البيت وصحابة خير البرية
المعلم العظيم هو المعلم القادر على تحقيق الأهداف التربوية ,
ويؤثر تأثيرا قويا فيطلابه ويعلمهم ويربيهم التربية الفعالة الناجحة،
ويراعي فوارقهم الفردية ويوحد بينهم في أهدافهم العامة في الحياة
ويؤهلهم لحمل رسالته عند تخرجهم من المدرسة.
وأعظم مدرسة في تاريخ البشرية هي المدرسة النبوية ,
لأن معلمها مختار من رب البريةومنهاجها منهاج إلهي محفوظ بحفظ الله
وطلابها هم خير الناس وخير الطلاب بشهادةالمعلم الأول للبشرية
ويحملون شهادات قرآنية من رب العالمين، فمعهم شهادة خيرأمة أخرجت للناس
قال تعالى: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" (آل عمران/110)
والأمةهم الجماعة من الناس، وهذا تفضيل من الله لأمة الإسلام وأنهم خير الناس
نصحا ومحبةللخير ودعوة وتعليما وإرشادا وأمرا بمعروف ونهيا عن منكر،
(تيسير الكريم الرحمن فيتفسير كلام المنان، عبدالرحمن ناصر بن السعدي بتصرف).
وآل البيت الأطهاروالصحابة الكرام جميعا
هم المخاطبون بقول الله تعالى كنتم خير امة ابتداء ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين وكلمة الأمة تبين أن هناك وحدة عضوية واحدة
بين المخاطبينبالآية , فلم يقل (منكم خير أمة)، بل قال سبحانه
" كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ " ولم يقل منكم من يأمربالمعروف وينهى عن المنكر
ولكن قال "تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ" (آل عمران/110)،
وكلها بصيغ الجمع، فالخيرية تشملهم جميعا وتوحدهم
جميعاوتأمرون بالمعروف تجمعهم جميعا وتنهون عن المنكر
تشملهم جميعا.
وقد شهد المصطفىصلى الله عليه وسلم للصحابة في بدر فقال
"اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا"
فهم حملة لواء التوحيد للعالم، وهم منارات التوحيد في الأرض،
وهم الذيننقلوا إلينا الدين وعلمونا التوحيد رضي الله عنهم أجمعين.
ومعهم شهادة السبق إلى الإيمان، وشهادة الرضا من رب العباد،
ودخولهم الجنة خالدين فيها، وشهادة الفوزالعظيم،
قال تعالى:
"وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ
رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"
(التوبة/100).
(وَالسَّابِقُونَ) هم الذين سبقوا هذه الأمةوبدروها إلى الإيمان
والهجرة والجهاد وإقامة دين الله (مِنَ الْمُهَاجِرِينَ) الذين
اخرجوامن ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا
وينصرون الله ورسوله أولئك همالصادقون (و) من (الأَنصَارِ)
"الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجرإليهم
ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم
ولو كان بهمخصاصة"... (رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ) ورضاه تعالى أكبر
من نعيم الجنة (وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ)
الجارية التي تساق إلى سقي الجنان والحدائق الزاهيةالزاهرة
والرياض الناضرة (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً) لا يبغون عنها حولا ولا يطلبون عنهابدلا،
لأنهم مهما تمنوه أدركوه ومهما أرادوه وجدوه (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
الذي حصل لهم فيه كل محبوب للنفوس ولذة للأرواح ونعيم للقلوب
وشهوة للأبدان واندفع عنهم كلمحذور، (المرجع السابق).
فهل بعد ذلك ننكر عليهم تلك الشهادات الربانية، ويحاولالبعض سلبها عنهم
وقد منحهم الله سبحانه وتعالى إياها، ووثق ذلك في قرآنه المعجز
الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ومحفوظ بحفظ الله ورعايته؟
ومعآل البيت والصحابة شهادة الرجولة والصدق مع الله والوفاء
بعهدهم معه وعدالتهم وعدم تبديلهم.
قال تعالى:
"مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً"
(الأحزاب/23).
فهم رجال بما تحمل كلمةالرجولة من معاني الصدق والوفاء
بالوعد والكرم والشهامة وغيرها، ومنهم من قتل فيسبيل الله،
ومنهم من ينتظر دوره في الشهادة وما بدلوا ما عاهدوا الله عليه.
ونساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين جميعا
لهن عليهم مالأمهاتهم عليهم من التحريم والبر والاحترام والتوقير،
ولهن الاحترام الزائد لأنهننساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وهذه وحدة واحدة تجمع آل البيت الكراموالصحابة الأعلام
ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين.
ومعهم شهادة من الله بتوبةالله عليهم كما قال تعالى:
"لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ
مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ"
(التوبة/117).وقد جمع الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام معهم في التوبة
"لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ " في وحدة واحدة جبرا لخاطرهم
وتوحيدا لهم في جماعة واحدة وأمةواحدة.
ومعهم من الله شهادة المؤمنين حقا كما قال تعالى:
"وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُولَـئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ .." (الأنفال/74).
ومعهم شهادة المغفرة من الله والرزق الكريم فقال تعالى في تكملة للآية السابقة:
"لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ" (الأنفال/74).
ووحدهم الله تعالى جميعا فيوحدة واحدة إيمانية فقال تعالى:
"مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ
ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"
(الفتح/29).